عيلة بلاطة مخيم جباليا للاجئين

جددت كلشي

11 أشخاص انقتلوا

نعيم قعد في غرفة مليانة عصافير يشرب قهوة الصبح. الجيش الإسرائيلي أنذر سكان شرق جباليا بإخلاء المنطقة في آخر تموز. نعيم حس حالو بتمزع من جوا: هل لازم يتركو كلشي وراهم ويهربو؟ مين رح يدير بالو على العصافير؟ وبيت أخوه عبد الكريم اللي مرحب فيهم هناك لمين بدو يتركه؟ البيت هداك فيه سقف إسمنتي سميك يعني اشي يمكن يقدر يحميهم من الأنقاض اللي ممكن توقع عليهم من انفجار قريب!

فوق راس نعيم كان في طبقة اسبست رقيقة، مش منيحة كفاية لدرجة انها تحمي عيلتو من حم شمس الصيف اللي برحمش. علاء ابن نعيم الي عمره سبعطعشر سنة كان في طريقو يجيب أغراض البقالة من السوق لما شاف ناس كتير بتركو المنطقة. بعض هدول الناس كانو حاملين أغراضهم وبعضهم التاني كانو راكبين عربايات بتجرها حمير أو تكاتك، ناس قلال كانوا في سيارات معبية أغراض لسقوفها. لما رجع علاء على البيت أقنع أبوه إنو لازم يجلو كمان من مكانهم ويروحو على بيت عمهم عبد الكريم اللي كمان موجود في مخيم جباليا للاجئين بس سقفو وبناه أصلب بكتير من بيتهم.

العيلة قعدو في بيت عبد الكريم يتغدو ويحكو لبعض قصص ويمزحو في محاولة إنهم يحولو إجلائهم القسري لتجمع عائلي. الإخوة التنين كانو مقربين كتير لبعض وكمان زوجاتهم كانو قريبات من بعض. جابت وفاء أخت علاء الأكبر منو سيرة الجيزة بوقت لاحق من هداك اليوم. قالت إنو امهم كانت حاطة عينها على حدا لعلاء، بس هو سمعلها وبعدين ضحك على الفكرة.

القصف بدا بعد الظهر في 29 تموز، وضل لحد تاني يوم. بيت عبد الكريم أخو نعيم محل مكل العيلة راحت تحتمي، انضرب في أول يوم بعدة قذائف. وحدة من القذائف وقعت في الغرفة اللي أخت علاء كانت قاعدة فيها. أبو علاء وأمه واخواته السبعة انقتلو كلهم.

" ديلو"

غرفة هديل بنت السبعطعشر سنة واللي اسم دلعها "ديلو". كانت تخطط تكون دكتورة ووعدت سيدها بهيك حسب ما بقول أبوها عبد الكريم. ابن عمها علاء بقول انها جابت معدل 92% بالمدرسة الثانوية وخلت كل العيلة فخورة فيها.

عيل الأخوين نعيم وعبد الكريم تغدو مع بعض. لما القصف بدا اغلبهم كانو ياخدو قيلولة.

عيل الأخوين نعيم وعبد الكريم تغدو مع بعض. لما القصف بدا اغلبهم كانو ياخدو قيلولة.

عبد الكريم بقول:

عبد الكريم بقول: "إحنا مشردين هلأ. انا بطالب بالعدالة وبطالب انه المحكمة الدولية تحاسب إسرائيل لأنها قتلت عيلتنا بدون أي إنذار. كل اللي بدي اياه اني ألاقي مدعي عام ياخد القضية، بس مفش حد بتطلع عليها".

ولا محل آمن الواحد يروح عليه

بعد ما بيت عبد الكريم تدمر، عيلتو صفت بدون مأوى. الاعتداء الإسرائيلي كان على قدم وساق والعيلة محتاجة لمكان يئويها. مدارس الأونروا اللي الناس الهربانة واللي طالبة الأمن التجأت الها كانت كلها مليانة. وحتى قبل ما العيلة تفكر بإنها تروح على وحدة من هادي المدارس أو الملاجئ المؤقتة، كان الجيش الإسرائيلي قاصف مدرسة قريبة منهم في مخيم جباليا بعد اطنعشر ساعة من ما بيتهم انضرب. في قصف مدرسة الأونروا هادي تسعطعشر شخص أغلبهم نساء وأطفال انقتلو، وتقريبا ميت شخص تصاوب.

بيت نعيم كان لسا قائم وفاضي بس علاء مكنش بقدر يروح هناك دغري. كل إشي في بيت نعيم كان يذكرو بعيلتو. عيلة عبد الكريم انتقلت لبيت نعيم بشكل مؤقت، بوقت سابق فعلاء جمًع شوية أغراض وأخد عصافير الكناري تبعت أبوه لابن عمو اللي كان كمان بربي عصافير. بعد هيك علاء راح على وحدة من مدارس الأونروا المعبية أصلا.

عاش علاء بين مدرسة الأونروا وبين بيت واحد من عمامو لفترة. مكنش في وساع في مدرسة صفوف مدرسة الأونروا فكان ينام بره في الساحة. في النهار كانت الدنيا كتير حر وفي الليل كانت برد. مقدرش علاء يقرر أي مكان كان أأمن. قبل كلشي، عيلتو انقتلت وهية رايحة تحتمي في بيت واحد من القرايب، بينما وحدة من مدارس الأونروا كانت بتنقصف من الجيش الاسرائيلي. بالأخير اختار مدرسة الأونروا خلال الأسبوع الأخير من القصف وكان مرعوب إنه مش قادر يغادر بالمرة وبالرغم من هيك ضل بالمدرسة حتى لبعد الحرب.

نبذة عن تهجير الفلسطينيين

 

حتى العصافير حسو بفقدانه

لما كان علاء جاهر يرجع على البيت، جاب العصافير اللي تركهم مع ابن عمه لبيت عيلتو وحطهم مكانهم في غرفتهم القديمة محل مكان أبوه يشرب قهوته كل يوم الصبح. كان بنيتو إنه يدير بالو عليهم منيح. علاء كان نفسه يحقق كل أماني أبوه وأمه: أبوه كان بدو علاء يرجع للدراسة، غير طبعا العناية بالعصافير. أما أمو فكانت بدها اياه يتجوز و يأسس عيلة. نعيم كان كهربجي واشتغل بجد كل حياته عشان ولاده ما يضطرو يشتغلو ويقدروا ينهوا دراستهم الجامعية. دعاء أختو لعلاء اللي ماتت وعمرها تنين وعشرين سنة كانت تخرجت جديد، وخواته وفاء وهناء كانو طالبات جامعيات. علاء كان مفروض إنه يدرس في الجامعة زيهم بس الموضوع طلع عنجد صعب.

العصافير بدت تموت واحد ورا التاني كأنهم حاسين بالمأساة تبع فقد مالكهم. علاء باع بقية عصافير الكناري بعد أربع شهور من نهاية العدوان. وحاول يقدم الإكمالات اللي عندو عشان ينقبل في جامعة، بس الدراسة كانت صعبة عليه مش بس لإنو بحبش الدراسة بطبعه، كمان عشان كان مصدوم. صدمة ما بعد الحرب ممكن تخلي التركيز وتذكر الأشياء صعب. بالرغم من إنه فعلا بدو يدرس في الجامعة إلا إنه اضطر يأجل دراسته. كان في إشي أخير براسه بدو يعملو ولسا متخلاش عنه واللي هو انه يتزوج ويأسس عيله. كان في شخص واحد بعينه ممكن يتزوجه واللي هو بنت عمو أمونة اللي حكت عنها أخته بالليلة اللي قبل ما عيلته تنقصف.

عيلة خاصة فيه

أعمام وولاد اعمام علاء ساعدوه يعمل عرس، وفي قاعة العرس رقص علاء وعروسته أمونة مع قرايبهم على ضواو الفلوراسنت بقاعة مليانة كراسي بلاستيك قاعدين عليها ستات من العيلة الممتدة. كانو بالأغلب مبسوطين مع إنهم كانو كمان شوية مرتبكين. كان في لحظات صعبة في العرس مثلا لما اجت أغنية بالعادة بتنحط لإم العريس، أجت بنت عمو لعلاء عشان ترقص معاه بدل أمه. كمان كان في بوسترات لقرايب علاء المقتولين معلقة فوق روس ضيوف العرس وفي الشارع وفي قاعة العرس اللي فيها الستات.

حاليا وبعد سنتين من العدوان أمونة حامل في الشهر الرابع ورح يجيهم بنت، والتنين ببينو إنهم مبسوطين على التلفون. قبل سنتين في أيلول 2014 لما كان علاء لسا في مدرسة الأونروا خلال العدوان عرف إنه رح يأسس عيله ويمشي بحياته: “رح أسمي ولادي بالمستقبل على اسم أبوي وأمي واخوتي اللي انقتلو، الولد اللي رح اجيبه رح أسميه نعيم على اسم ابوي”.

الأشخاص اللي انقتلو في العدوان في مخيم جباليا للاجئين

29 يوليو 2014

  • نعيم نظمي بلاطة
    45 سنة
  • سحر مطاوع بلاطة
    39 سنة، زوجة نعيم
  • مريم نعيم بلاطة
    24 سنة، بنت نعيم وسحر
  • دعاء نعيم بلاطة
    22 سنة، بنت نعيم وسحر
  • هناء نعيم بلاطة
    19 سنة، بنت نعيم وسحر
  • إسراء نعيم بلاطة
    13 سنة، بنت نعيم وسحر
  • آلاء نعيم بلاطة
    14 سنة، بنت نعيم وسحر
  • يحيى نعيم بلاطة
    8 سنين، ابن نعيم وسحر
  • وفاء نعيم بلاطة
    21 سنة، بنت نعيم وسحر
  • عبد الكريم نظمي بلاطة
    سنة، ابن وفاء وحفيد نعيم وسحر
  • هديل عبد الكريم بلاطة
    17 سنة، بنت عبد الكريم نظمي بلاطة