مينا بتحرص كل يوم صبح وهي رايحة بطريقها للمدرسة تمرق على لافتة على جنب الشارع، وان كان في ناس مارقة من الشارع بنفس الوقت بتأشرلهم على اللافتة وبتطلب منهم يقربو عليها عشان يتفرجو على الصور في اللافتة معاها.
اللافتة فيها صورة اخوتها وصورة وردة محل اللي مفروض تكون صورة زوجة أبوها هناء. الناس المارقة من الطريق والجيران بوقفو معاها قدام اللافتة وهي تسمي كل اسم فيها، بس لما تخلص من هادا الطقس بتسمحلهم يروحو.
عيد الشهدا!
7 أشخاص انقتلواالعيلة
أحمد الحشاش كان الشخص اللي بربط الكل مع بعض وكان متدين بشكل عميق. اتجوز من تلت ستات هم أمينة وهناء وآمنة، وكان عندو منهم اطنعشر طفل. كانو عيلة كبيرة. آمنة وأمينة رح يقولو بعدين إنهم كانو بديرو بالهم ع بعض وبدعمو بعض وكمان كانت علاقتهم دافية. بتقول آمنة: “كانو كلهم واحد وما وقف تعدد الزوجات في الطريق”.
أحمد كان فخور بولاده بشكل خاص، كانو كلهم شاطرين في المدرسة. زي كتير من الفلسطينيين، أحمد كان بيعرف قيمة التعليم وبقدره فوق كلشي تاني. بالنسبة الو كان بيعتبر التعليم مهم للواحد يحصل عليه طالما هو في حالة اللجوء الدائمة. بالنسبة الو كمان كان التعليم إنجاز مش زغير. أحمد كمان كان نائب مدرسة بتديرها الأونروا اللي هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين. أحمد كان أب فخور ومعلم.
كتير من ستات ورجال العائلة كانو ناشطين مجتمعيين. هناء مثلا فتحت أول روضة للأطفال في حارة الحشاشين في رفح محل ما العيلة كانت عايشة. مع الوقت الروضة كبرت وصارت مركز مجتمعي ومركز لتمكين النساء. ابن جوزها، بلال كان يشتغل كمحامي متدرب، ويساعد الناس يحلو قضاياهم مع السلطات المحلية. محمد ابن هناء، مع انه كان مقعد بسبب حادث سيارة، نظم فريق كرة قدم للأولاد في الحارة. كانوا ولاد الحشاش يهبو زي فريق واحد لما التانيين بدهم مساعدة بالأوقات الصعبة في الحارة. الناس حست كأنها فقدت نص شباب الحارة لما فقدتهم، زي ما بقول أحمد.
عمرك ما تفيق!
بنيامين نتنياهو كان بيحكي في خطاب في الكنيست نقله التلفزيون: “يجب أن نكون متحضرين لعملية عسكرية طويلة في غزة”ـ كان الخطاب في آخر تموز وفي نص الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة. خطاب نتنياهو تمت إذاعته في غزة كمان والناس اللي عندها كهربا وحضرت خطاب نتنياهو بقَلق كان مفروض تحتفل بنهاية رمضان وبداية أول يوم في عطلة عيد الفطر. نتنياهو كمًل خطابه وقال: ”نحن نعرف أننا سنواجه أياما صعبة، وهذا اليوم كان صعبا ومؤلما”. كان صوته بيطلع من التلفزيون في بيت الحشاش وبتقَطَع بصوت المتفجرات اللي بتوقع أقرب وأقرب من الحارة تبعتهم.
هناء مقدرتش تستحمل كمان وهادا كان معناه كبير لأنه الكل بعرف انها قوية كتير وبتستحمل. راحت تنام بدري وقالت لأمينة انو نفسها تنام ما تقوم. بقية العيلة ضلو صاحيين يحكو ويمزحو بلكي يخففو من توترهم اللي جاي من القصف اللي بقرب شوي شوي على حارتهم ووعد نتنياهو انه يكمل الحرب على غزة.
الصبح بدري كل البيت انهز بسبب انفجارـ فقامت العيلة كلها تجمعت بعجلة في الطابق الأرضي. بس القنابل كانت تضل تسقط أقرب وأقرب منهم. مسعود ابن أمينة كان دايما يحاول يتحمل المسؤولية فقرر إنه يطلع بره ويشوف شو فيه ويجيب سيارة عشان يخلي العيلة من البيت. مسعود كان على عتبة الباب لما طيارة إسرائيلية بدون طيار ضربته بصاروخ. أبوه قال: “شفناه وهو بيموت”.
مكنش في وقت حتى إنو الواحد يبكي على موت مسعود، الضربة اللي قتلت مسعود كانت بالأغلب ضربة تحذيرية قبل الضربة الكبيرة. أحمد قال: “فكرنا على طول انهم رح يستهدفو البيت كله بعد هيك”. هناء اللي كانت على كرسي متحرك بسبب إصابتها بشلل نصفي كان لازم تنحمل. أحمد حملها بس بعد حوالي تلاتين متر انقطع نفسه، فأجو ولاده التنين سعيد وبلال عشان يساعدوه يحمل هناء. كل العيلة هربت على الشارع بما فيها اطنعشر طفل وتلات زوجات وأحمد وأبوه وأمه الختايرة. انضربو بصاروخ من طيارة بدون طيار تقريبا ستين متر بعيد عن بيتهم.
أحمد تصاوب وضل بوعيه رغم إنه كان مصدوم: “كان بدي أتصل بسيارة إسعاف بس مكنتش بقدر أتحرك”. تطلع حواليه وشاف حمام دم: كل حبايبه منَتوَرين حواليه متصاوبين وبنزفو وكل واحد فيهم مرمي بجهة من الانفجار. بعد شوي صار يقدر يتحرك فصار يحاول يركض بيناتهم يشوف شو صار فيهم.
جارهم وقريبهم محمد اللي عمره عشرين سنة أجا يركض عشان يساعدهم. في اللحظة اللي وصل فيها لموقع الانفجار قامت طيارة بدون طيار بضرب قذيفة تالتة عليهم قتلت محمد. وصلت سيارات الاسعاف اخيرا. هناء وولادها كانو بموتو واحد ورا التاني- إبراهيم و سعيد ومحمد وأخوهم غير الشقيق بلال. مينا أختهم الصغيرة اللي عمرها أربع سنين تصاوبت. في المستشفى كانت قايمة القيامة ومافيش دكاترة كفاية عشان يعالجو الاصابات، اضطر أحمد أنه يقيم الشظايا من جسم مينا بنفسه.
مين كانو؟
مينا
إبراهيم كان الأخ المفضل عند مينا اللي عمرها أربع سنين ولساتها بتنام في تخته. ما بتقدر توقف حكي عنه لأي حدا بدو يسمعلها. بتحلم فيه. أمها آمنة تذكرت إنها مرة فاقت في نص الليل وسألت: “وين راح ابراهيم؟”. مينا البنت الأمورة الزغيرة عمرها هلأ خمس سنين بتصيبها نوبات غضب كتيرة بتقدرش تسيطر عليها. مرات هادا الغضب بكون موجة على أمها. مينا بتلوم أمها على قتل اخوتها غير الاشقاء وبتقلها: “انتي هربتي وما أخدتيهم معاكي! ليش هم ماتو واحنا لأ؟”.
بيوم قالت مينا: خلينا نروح نزور خالتو هناء اللي صارت بنت زغيرة. عيلتها تعودت على الطلب هادا. سمية، أخت مينا غير الشقيقة شرحت ليش مينا بتقول هيك: “الستات من عيلة الحشاش قرروا يسمو الاولاد المولودين جديد على اسم أفراد عيلة الحشاش اللي انقتلو في الهجوم الاسرائيلي، مينا بتآمن إنو أفراد عيلتها ما ماتو لكن صارو أطفال زغار مرة تانية عشان يقدروا يكبروا معها”.
الأشخاص اللي انقتلو في العدوان في رفح
29 يوليو 2014
- بلال أحمد الحشاش 24 سنة، ابن أحمد وأمينة
- سعيد أحمد الحشاش 20 سنة، ابن أحمد وهناء
- مسعود أحمد الحشاش 19 سنة، ابن أحمد وهناء
- محمد أحمد الحشاش 19 سنة، ابن أحمد وأمينة
- إبراهيم أحمد الحشاش 15 سنة، ابن أحمد وهناء
- هناء جابر علي الحشاش 47 سنة، أم سعيد ومحمد وإبراهيم
- محمد موسى الحشاش 20 سنة، جار وقريب للعيلة